٣ تحديات شائعة تعيق بناء قدرات المعلمين وقادة المدارس في المملكة

قدمنا في «إمكان» دورات وورش عمل تدريبية لأكثر من ٣٠ ألف معلم وقائد مدرسة في جميع أنحاء المملكة، وقد مكنتنا هذه التجارب المتراكمة من رؤية ٣ تحديات شائعة تتعلق ببناء قدرات المعلمين وقادة المدارس، لذلك نود أن نسلط الضوء عليها في هذه التدوينة مع اقتراح بعض الحلول التي قد تعين الجهات المعنية والمدارس على التعامل مع هذه التحديات.

 

  • قلة المصادر الإثرائية العربية

 

لأن البرامج التدريبية التي نقدمها للمعلمين مبنية على العمل التعاوني والتشارك؛ عادة ما نطلب من المعلمين البحث عن مصادر إثرائية لأفضل الممارسات المتعلقة بمهامهم، كنموذج تحضير الدرس أو نموذج تقييم الأداء الصفي على سبيل المثال، ولأن المصادر التي يجدها المعلمون عادة مصادر عربية، فهي في الغالب مبنية على ممارسات ونظريات قديمة لا تتماشى مع أحدث الدراسات والأبحاث العالمية في مجال التعليم. لا شك أن معضلة اللغة هذه تشكل عائقًا كبيرًا أمام تطوير قدرات المعلمين المحليين، فمن جهة، لا يتقن معظم المعلمين السعوديين اللغة الإنجليزية، ومن ناحية أخرى، اللغة الإنجليزية هي لغة العلوم والأبحاث الحديثة، وحتى نستطيع مواكبة أحدث النظريات والتطبيقات في التعليم والتربية والاستفادة منها، علينا أن نجد وسيلة تمكننا من التعامل مع عائق اللغة هذا، وبعض الحلول التي نقترحها بهذا الصدد: ١) تأسيس مبادرات محلية موسعة لترجمة المصادر والدراسات التعليمية، ٢) اتفاقيات حكومية مع منصات التدريب الإلكتروني العالمية مثل كورسيرا لتوفير المواد التي تتعلق بمجال التعليم باللغة العربية، ٣) إدراج اللغة الإنجليزية كمادة أساسية في كليات التربية، ٤) تقديم دورات اللغة الإنجليزية كجزء من التطوير والتدريب المهني للمعلمين كما تفعل بعض المدارس الخاصة، ٥) دعم وتوسيع حركة البحث العلمي في مجال التعليم باللغة العربية.

 

  • عدم ممارسة «القيادة التربوية»

 

وجدت الدراسات أن «القيادة المدرسية تعد ثاني أهم عامل مؤثر على تعلم الطلاب بعد فعالية المعلم مباشرة»، كما ذكرت دراسة أنه «لم تسجل أي حالة تدنٍ في مستوى الأداء المدرسي لدى المدارس التي يديرها قائد قوي».[1]

عندما نلتقي بقادة المدارس أثناء البرامج التدريبية ونسألهم عن طبيعة أدوارهم ومسؤولياتهم، دائمًا ما نجد أن الإجابات تقتصر على المهام الإدارية كالاهتمام بشؤون الموظفين، وإدارة الميزانية، والإشراف العام على تطبيق السياسات والإجراءات التنظيمية الإدارية للمدرسة ككل، لكم من النادر أن يتطرق أحدهم إلى الحديث عن الصف الدراسي وما يحدث بداخله من تحديات ، بل إننا نجد أن عددًا من القادة في المدارس الخاصة ليس لديهم حتى المؤهلات التربوية التي تخولهم لإدارة مدرسة، فنجد أن بعضهم لم يحصل على شهادات من كليات التربية، أو أنهم لا يملكون خبرة تدريس. نتساءل هنا، كيف للقائد أن يقود مدرسة دون أن ينخرط في تجربة الصف الدراسي الذي يمثل قلب المدرسة والحجر الأساسي فيها، ما دام قائد المدرسة يعتقد أن دوره إداري فقط، سيعيقه ذلك عن معرفة مواطن القوة والضعف في عملية التعليم والتعلم حق المعرفة، ومن ثم لن يستطيع تقديم الدعم الذي يحتاجه المعلمون، وهو ما سيؤثر سلبًا على الطلاب في نهاية المطاف، لذلك نقترح على المدارس أن: ١) تتوسع في فهم وتطبيق ما يعرف بالقيادة التربوية التي تقتضي القيام بمسؤوليات تربوية إضافة إلى الإدارية، ٢) أن تضع المدارس الخاصة شروطًا صارمة عند استقطاب وتوظيف القادة تؤكد على وجود خبرة تدريس وشهادات تعليم عالٍ من كليات التربية.

 

  • عدم تكييف البرامج التدريبية

 

الهدف من توفير برامج تدريبية للمعلمين هو معالجة تحديات قائمة تتعلق بتطوير قدراتهم، لا لمجرد توفيرها، العديد من المعلمين الذين نلتقيهم من خلال عملنا في «إمكان» يرون أن البرامج التدريبية التي يحصلون عليها لا تلامس احتياجاتهم أو التحديات التي يواجهونها (كما أشارنا في التدوينة السابقة)، من الأخطاء الشائعة التي تقوم بها المدارس هي تقديم خطة تدريبية بقالب واحد لجميع المعلمين دون النظر إلى اختلاف قدراتهم واحتياجاتهم، لذلك نؤمن أن الحل الأنسب هو أن يقوم قادة المدارس بتحديد الاحتياجات التدريبية لكل معلم بناء على خطة التطوير المهني الخاصة به، التي تأخذ بعين الاعتبار مجال تدريسه، والمرحلة الطلابية التي يدرسها، ومستوى ونوع المهارات الحالية وغيرها من العوامل الأخرى، وبناءً على ذلك، تضع المدرسة خطة تدريب منهجية نابعة من احتياجات حقيقية، وبذلك تحفظ موارد كالوقت والجهد والمال من أن تهدر في برامج تدريبية غير مثمرة.

 

المصادر:

[1] Leithwood & Riehl, 2003

*مصدر الصورة: biocare.co.uk


 

ساعدت إمكان التعليمية أكثر من 60 مؤسسة تعليمية محلية ودولية من تحقيق التغيير المطلوب. فهل أنت مستعد للانضمام لقائمة عملائنا وتحقيق التحول المنشود لمؤسستك؟